عاش ملعب أولد ترافورد ونادي الشياطين الحمر ومدينة مانشستر مع زيارة أثلتيك يوما سيصعب عليهم نسيانه في المستقبل، كما لن ينساه لاعبو الفريق الزائر على اعتبار أنه ربما كان الإنجاز الأكبر للفريق أوروبيا على مدار تاريخه الذي يصل إلى 114 عاما.
جاءت مباراة الخميس في دوري أوروبا ملحمية بشكل لا يمكن استيعابه سوى بفهم طموح المدرب الذي وصل إلى إقليم الباسك قبل تسعة أشهر فقط. مدرب حقق كل شيء في عالم الكرة تقريبا، ولم يكن ينقصه سوى تحقيق انتصارات في القارة العجوز مهد كرة القدم، اللعبة التي آمن دوما بأنها رابط كوني بين الشعوب.
استثمر المدرب الأرجنتيني جيدا الإرث الجيد الذي خلفه له سلفه المجتهد خواكين كاباروس، وجهز فريقا طموحا وهجوميا، يتميز بصغر أعمار أفراده، فنقل إليه كرته التي تبحث عن البطولة على أرض الملعب.
وفوجئ مشجعو أثلتيك ومتابعو الكرة الإسبانية بغتة أن خابي مارتينيز وفرناندو أموريبييتا قلبا دفاع على أعلى مستوى، وأن إيكر مونياين في طريقه لحجز مقعد أساسي في المنتخب الإسباني، وأن يورينتي هو أحد أفضل المهاجمين على مستوى أوروبا، وأن إيرايثوث وخابي مارتينيز وإيراولا ودي ماركوس وسوسايتا يمكنهم اللعب في أي مكان.
ويبقى أخيرا دور المشجعين بارزا، في وجود جماهير قادرة في نهائي الكأس هذا الموسم على تخطي 50 ألف متفرج سافروا إلى فالنسيا قبل ثلاثة مواسم لمواجهة نفس الخصم برشلونة في نفس الحدث، وقادرة على حشد ثمانية آلاف متفرج للذهاب لمؤازرة الفريق في ملعب تذهب له الفرق الأخرى دون أمل مثل أولد ترافورد.
وربما ما زاد أيضا هذا العام هو أن الفريق بات يلعب باستمتاع أكبر، ظهر أيضا في مباراة أمس، وانتقل إليه على يد المدير الفني الذي كان قد فعل الأمر نفسه من قبل مع منتخب تشيلي، عندما كان الفريق يترنح وقاده إلى وصافة تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا، حيث وصل الفريق إلى دور الستة عشر.
ولا تتوقف عدوى الاستمتاع عند حدود البطولة الأوروبية، بل تصل أيضا إلى دوري الليغا، حيث يحتل الفريق المركز الخامس بفارق نقطة وحيدة خلف الرابع، آخر المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا، البطولة التي يراهن كثيرون منذ الآن على تأهل الفريق لها في الموسم المقبل.
ومع نجاح بييلسا حتى الآن، وتفوقه في التجارب السابقة في المواسم اللاحقة، بات البعض يتساءل منذ الآن عما إذا كانت هناك فرصة لظهور فارس جديد ينافس العملاقين ريال مدريد وبرشلونة في الدوري الإسباني، الذي يحتكران الفوز به منذ موسم 2004 ، أم أن بييلسا قد يرحل لخلافة بيب غوارديولا في العملاق الكتالوني، وتكفيه حينها أمنية لمواطنه المتألق ليونيل ميسي بأن يتدرب تحت إمرته يوما ما.