﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ(18)
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19) ﴾
وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه,وأنه ينبغي له أن يتفقدها,فإن رأى
زللا تداركه بالإقلاع عنه,والتوبة النصوح,والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه
وإن رأى نفسه مقصرا في أمر من أوامر الله,بذل جهده واستعان بربه في تكميله
وتتميمه وإتقانه ..
ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه ,وبين تقصيره,فإن ذلك يوجب له الحياء بلا
محالة والحرمان كل الحرمان؛ أن يغفل العبد عن هذا الأمر,ويشابه قوما نسوا الله
وغفلوا عن ذكره والقيام بحقه,وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها, فلم ينجحوا
ولم يحصلوا على طائل, بل أنساهم الله مصالح أنفسهم, وأغفلهم عن منافعها
وفوائدها, فصار أمرهم فرطا, فرجعوا بخسارة في الدارين, وغبنوا غبنا لايمكنهم
تداركه, ولايجبر كسره, لأنهم هم الفاسقون الذين خرجوا عن طاعة ربهم وأضعوا
في معاصيه ..
فهل يستوي من حافظ على تقوى الله ونظر لما قدم لغده, فاستحق جنات النعيم
والعيش السليم, مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين, ومن غفل عن ذكر الله ونسي حقوقه فشقي في الدنيا واستحق العذاب
في الآخرة ؟
فالأولون هم الفائزون, والأخرون هم الخاسرون ..