الجراحي العامل الرئيسي في تطور علوم الجراحة الحديثة، فالتخدير هو الإجراء
الذي يتيح للجراح أن يقوم بإجراء أي تداخل جراحي على الجسم دون أن يعاني
المريض من الألم. إذا كنت ستخضع قريباً لعملية جراحية فستجد في هذه الصفحة
إجابات على معظم الأسئلة التي قد تخطر في بالك حول التخدير الجراحي وأنواعه
المختلفة والمشاكل التي قد ترافقه
.
ما هو التخدير؟
التخدير هو إلغاء الشعور بالألم، وهو يتم من قبل طبيب التخدير. وقد أصبح
التخدير في العصر الحديث وسيلة آمنة وفعالة في إلغاء الشعور بالألم خلال أي
تداخل طبي أو جراحي. ويتم ذلك إما من خلال إعطاء مواد مخدرة تؤدي إلى
النوم وفقدان الوعي أو من خلال حقن مواد مخدرة موضعية في مكان معين من
الجسم مع المحافظة على الوعي.
من يقوم بإجراء التخدير؟
يتم إجراء التخدير أثناء الجراحة من قبل طبيب التخدير بمساعدة فني أو ممرض.
ولا تقتصر مهمة طبيب التخدير على تخدير المريض أثناء العملية، وإنما تشمل
أيضاً تحضير المريض قبل العمل الجراحي والرعاية به بعد الإنعاش والصحو من
التخدير. ويبقى طبيب التخدير أو فني التخدير مع المريض أثناء التخدير دون
أن يتركه لحظة واحدة بهدف مراقبة حالته وحل أي مشكلة يمكن أن تظهر خلال
العملية.
ما هي أنواع التخدير
هناك ثلاثة أنواع مختلفة من التخدير:
1 – التخدير العام: وفيه يفقد المريض وعيه وينام بشكل كامل ويصبح كامل الجسم غير حساس للألم.
2 – التخدير الموضعي: وفيه يبقى المريض صاحياً ويتم تخدير بقعة صغيرة من الجسم.
3 – التخدير الناحي: وفيه يبقى المريض صاحياً ويتم تخدير منطقة واسعة من الجسم (كما في التخدير النصفي).
ما هو التخدير العام؟
التخدير العام هو حالة تشبه النوم، حيث يعطى المريض أدوية مخدرة عامة تؤدي
إلى فقد الوعي والإحساس. ويكون المريض خلال التخدير العام عادة بحالة شلل
كامل، حيث يعطى التنفس عن طريق جهاز التنفس الاصطناعي الموجود في جهاز
التخدير، وذلك بواسطة أنبوب يتم إدخاله عبر الفم إلى الطرق التنفسية بحيث
يوصل بواسطة أنابيب خاصة إلى جهاز التخدير.
كيف يتم إجراء التخدير العام؟
هناك طريقتان رئيسيتان لإجراء التخدير العام:
1 – بواسطة المخدرات الوريدية: يتم حقن المادة المخدرة بالوريد، وذلك عن
طريق إبرة يتم إدخالها فيه قبل البدء بالتخدير. وفي هذه الطريقة يغط المريض
في نوم عميق دون أن يشعر بذلك.
2 – بواسطة المخدرات الإنشاقية: يتم إعطاء المادة المخدرة بطريق الاستنشاق
عبر الجهاز التنفسي، وذلك عن طريق قناع خاص يوضع على الوجه ويكون موصولاً
بواسطة أنابيب خاصة إلى جهاز التخدير. وفي هذه الطريقة قد يشعر المريض
برائحة غازات التخدير قبل أن يغط في النوم. وأكثر ما تستخدم هذه الطريقة
عند الأطفال حيث قد يكون من الصعب فتح خط وريدي في حالة الصحو.
ما هي المواد التي تعطى أثناء التخدير العام؟
لا تقتصر الأدوية التي يتلقاها المريض أثناء التخدير العام على المادة المخدرة، وإنما هناك أيضاً الكثير من المواد الأخرى:
- المواد المخدرة: هي أدوية قوية تعطى عن طريق الوريد أو الجهاز التنفسي أو كليهما معاً وتؤدي إلى غياب الوعي.
- المسكنات: هي أدوية من زمرة المورفين تعطى عن طريق الوريد لتسكين الألم أثناء وبعد العملية.
- المهدئات: هي أدوية تهدف إلى تحريض النوم وتحريض النسيان بحيث لا يتذكر المريض فترة التوتر قبل العملية.
- المرخيات العضلية: هي أدوية تؤدي إلى إرخاء عضلات الجسم بشكل كامل لتتيح للجراح العمل بشكل مريح.
- مضادات الإقياء: هي أدوية تؤدي إلى الوقاية من الإقياء الذي يحدث كتأثير جانبي للأدوية السابقة.
ما هي مزايا التخدير العام؟
- يمكن إجراء العمليات الجراحية في أي مكان من الجسم.
- يكون المريض بحالة فقدان وعي كامل وبالتالي فهو لا يشعر بأي شيء يحدث من حوله.
- تكون العضلات مسترخية بشكل كامل مما يساعد الجراح على العمل بشكل مريح أكثر.
ما هي مساوئ التخدير العام؟
- قد يترافق مع أعراض مزعجة عند الصحو من التخدير (مثل التهيج، الغثيان والإقياء).
- يحتاج إلى بقاء المريض لمدة أطول في المستشفى.
- لا يمكن للمريض تناول الطعام والشراب إلا بعد مرور عدة ساعات على التخدير.
ما هو التخدير الموضعي؟
التخدير الموضعي هو تخدير منطقة صغيرة من الجسم مع بقاء المريض صاحياً.
ويتم عادة من خلال حقن المادة المخدرة الموضعية بواسطة إبرة في المكان
المطلوب تخديره من الجسم.
ما هي مزايا التخدير الموضعي؟
- هو إجراء سهل وبسيط ولا يترافق مع اختلاطات عادة.
- يمكن إجراؤه خارج غرفة العمليات وفي العيادات.
- يمكن للمريض أن يتحرك مباشرة ويعود إلى المنزل.
- يمكن للمريض أن يأكل ويشرب مباشرة بعد إنهاء العملية.
ما هي مساوئ التخدير الموضعي؟
- قد يكون حقن المخدر الموضعي مؤلماً قليلاً قبل أن تؤثر المادة المخدرة.
- لا يمكن اللجوء إليه في العمليات التي تحتاج إلى العمل ضمن مساحة كبيرة.
- بقاء المريض صاحياً طوال فترة الجراحة مما قد يؤدي إلى انزعاجه وتعبه إذا كانت العملية طويلة.
- احتمال التحويل إلى التخدير العام إذا لم يتحمل المريض التخدير أو إذا احتاج الجراح للعمل في منطقة أوسع.
ما هو التخدير الناحي؟
التخدير الناحي هو تخدير ناحية واسعة من الجسم ولكن مع بقاء المريض صاحياً.
ومن أشيع أنواع التخدير الناحي المستخدمة في الجراحة العامة نذكر التخدير
النصفي الذي يستخدم في تخدير النصف السفلي من الجسم.
كيف يجرى التخدير النصفي؟
يجلس المريض على جانب الطاولة وينحني برأسه للأسفل، ويقوم طبيب التخدير
بإدخال إبرة رفيعة جداً في الظهر لحقن المادة المخدرة. يتم إجراء التخدير
النصفي من خلال إدخال إبرة في القناة الشوكية، وهي عبارة عن نفق طويل يمتد
داخل الفقرات ويسير فيه النخاع الشوكي والأعصاب التي تخرج منه. بعد إدخال
الإبرة في القناة الشوكية يتم حقن المادة المخدرة داخل هذه القناة، حيث
تؤثر على الأعصاب الحركية والحسية معاً مؤدية إلى الشلل وإلى فقدان الإحساس
في الجزء السفلي من الجسم. وفي بعض الأحيان يتلقى المريض أثناء التخدير
النصفي بعض الأدوية المهدئة عن طريق الحقن الوريدي مما يجعله مرتاحاً بشكل
أكبر خلال العملية. وهكذا يمكن للجراح أن يعمل دون أن يشعر المريض بذلك.
هل يؤلم التخدير النصفي؟
حين يقوم الطبيب المخدر بإدخال الإبرة إلى القناة الشوكية فستشعر ببعض
الألم، وحين تصل الإبرة إلى القناة الشوكية وتلمس الأعصاب فستشعر للحظة
وكأن الكهرباء تسري في ساقيك، ولكن هذا الشعور قد يكون مزعجاً قليلاً ولكن
دون أن يكون مؤلماً. وبعد أن يحقن طبيب التخدير المادة المخدرة في القناة
الشوكية ويقوم بسحب الإبرة منها فسيأخذ التخدير مفعوله ولن تشعر بأي شيء.
ما هي مزايا التخدير النصفي؟
- يتيح إجراء عمليات كبيرة مع تجنب المشاكل المرافقة للتخدير العام.
- يمكن للمريض أن يأكل ويشرب مباشرة بعد إنهاء العملية.
- يمكن للمريض أن يغادر إلى المنزل بعد فترة أقصر من التخدير العام.
مساوئ التخدير النصفي؟
ما هي
- لا يمكن إجراؤه إلا في العمليات على النصف السفلي من الجسم (من مستوى السرة وحتى الأسفل).
- بقاء المريض صاحياً طوال فترة الجراحة مما قد يؤدي إلى انزعاجه وتعبه إذا كانت العملية طويلة.
- احتمال التحويل إلى التخدير العام إذا لم يتحمل المريض التخدير أو إذا احتاج الجراح للعمل في منطقة أعلى.
- لا يمكن للمريض أن يمشي إلا عند زوال تأثير التخدير بعد بضعة ساعات من العملية.
- قد يؤدي أحياناً إلى صداع شديد بعد العملية يعرف باسم الصداع التالي للتخدير النصفي ولا يتحسن إلا بعد بضعة أيام.
كيف يتم اختيار نوع التخدير المناسب للمريض؟
هناك عدة عوامل تحدد نوع التخدير المناسب لكل مريض:
- نوع العملية الجراحية: هو أهم العوامل، فاستئصال الزائدة الدودية مثلاً
يمكن أن يجرى تحت التخدير النصفي من خلال تخدير النصف السفلي من الجسم، في
حين أن استئصال الغدة الدرقية أو استئصال الثدي يحتاج عادة إلى التخدير
العام.
- عمر المريض: من الصعب عادة إجراء أي عمل جراحي لدى الأطفال إلا تحت التخدير العام.
- خبرة طبيب التخدير: أحياناً يمكن إجراء عملية معينة تحت التخدير النصفي
ولكن طبيب التخدير لا تكون لديه خبرة بإجراء هذا النوع من التخدير، ولذلك
يتم اللجوء إلى التخدير العام.
- رغبة المريض: بعض العمليات تجرى تحت أي نوع من أنواع التخدير، مثل
استئصال البواسير الشرجية. وهنا يمكن للمريض أن يختار طريقة التخدير
المناسبة له. فربما لا يرغب المريض بالبقاء صاحياً أثناء إجراء العملية
فيختار التخدير العام، أو قد يرغب بمغادرة المستشفى مباشرة بعد العملية
فيختار التخدير الموضعي.
كيف تشارك في اختيار طريقة التخدير المناسبة لك؟
1 – أولاً: حاول أن تسأل الجراح وطبيب التخدير فيما إذا كان بإمكانك المشاركة في اتخاذ القرار حول طريقة التخدير.
2 – ثانياً: حاول أن تفهم محاسن ومساوئ كل واحدة من طرق التخدير المتاحة بالنسبة لك.
3 – ثالثاً: حاول أن تعرف طريقة التخدير التي يفضلها الجراح وتكون مريحة بالنسبة له.
4 – أخيراً: اتخذ قراراً بطريقة التخدير الأكثر تلاؤماً مع متطلباتك.