بعد فتح مكة ودخول الحجاز كلها في الإسلام ، خشي العرب التابعون للروم من
المسلمين في بلاد الشام من قوة الإسلام . فقرر الروم غزو المسلمين . وجهزوا
جيشاً كبيراً عسكروا جنوب بلاد الشام .
وصلت الأخبار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فدعا إلى تجهيز جيش قوي يصد غزو الروم .
وكان الرسول
صلى الله عليه وسلم يعلم أن الظروف التي يمر بها صعبة ، وأن الأيام أيام
قيظٍ وقحط . فبعث الرجال يحثون القبائل على الاشتراك في الجيش ، وحث
الأغنياء على أن يجودوا بمالهم ، فتبرع عثمان بن عفان بعشرة آلاف دينار
وتسعمائة بعيرٍ ، ومائة فرس.كما تبرع أبو بكرٍ الصديق بكل ماله . وتبرع
عبد الرحمن بن عوف بأربعين ألف دينار . وتبرعت النساء بحليهن وزينتهن من
الذهب .
و تحرك جيش المسلمين إلى تبوك في شهر رجب من العام التاسع بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان عددهم ثلاثين ألفاً تقريباً . و أعطى الرسول
صلى الله عليه وسلم اللواء لأبي بكرٍ الصديق . وعسكر النبي صلى الله عليه
وسلم بجيشه في ثنية الوداع . وكان الحر شديداً للغاية ، وعانى المسلمون من
عسرة الماء والزاد ، حتى اضطروا لذبح إبلهم وإخراج ما في كروشها فيعصرونه
ويشربونه . لذلك سميت الغزوة بغزوة العسرة .
وقضى المسلمون في تبوك حوالي عشرين يوماً ، ولكن لم يجدوا هناك أحداً من
الروم الذين رجعوا من حيث أتوا ، حينما علموا بمسير الجيش المسلم الذي يؤثر
الموت على الحياة .
واستشار الرسول
صلى الله عليه وسلم أصحابه في مجاوزة تبوك إلى ما هو أبعد منها من ديار
الشام . فأشار عليه الفاروق عمر بالعودة إلى المدينة . فاستحسن الرسول صلى عليه وسلم رأيه وعادوا إلى المدينة حامدين شاكرين