لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو و صاحبه أبو بكر في قصة الهجرة المشهورة
و تبعتهم قريش بفرسانها ، أدكهم سراقة بن مالك المدلجي و كاد يمسك بهم ،
فلما رآه سيدنا أبو بكر قال أُتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم
لا تحزن إن الله معنا
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة :
إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب،
فدعا له النبي صلى الله عليه وفي رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة
كيف بك إذا لبست سواري كسرى وتاجه.
فلما فتحت فارس و المدائن و غنم المسلمون كنوز كسرى أتى أصحاب رسول الله بها
بين يدي عمر بن الخطاب ، فأمر عمر بأن يأتوا له بسراقة و قد كان وقتها
شيخاً كبيراً قد جاوز الثمانين من العمر ، و كان قد مضى على وعد رسول الله
له أكثر من خمس عشرة سنة فألبسه سواري كسرى و تاجه و كان رجلاً أزب أي كثير
شعر الساعدين فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز
وألبسهما سراقة الأعرابي، وقد روى ذلك عنه بن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن
جعشم وروى عنه بن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وطاوس .
ولقد مات سراقة في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعد عثمان .
فمن أخبر محمداً بن عبد الله هذا الإنسان الهارب من القتل بأن الله سوف يغنم أمته كنوز كسرى وتاجه و يلبسها سراقة الأعرابي .