لأول مرة أثبتت دراسة علمية حديثة النظرية العامة الشائعة التي تربط مباشرة بين أخذ قسط كاف من النوم وزيادة قدرة البشر على الإبداع وتطوير القدرات، وأكدت الدراسة أن المخ يستمر في العمل -أثناء النوم- على حل المشاكل التي تواجه المرء طوال اليوم. وعلق باحثون على نتائج الدراسة بأنها تقدم "تذكرة قيمة" للعاملين والدارسين تؤكد أن النوم أفضل علاج، مشيرين إلى أن الساعات الثماني من النوم المتصل ليلا تعد من أفضل أنواع العلاج لكثير من الأمراض؛ عضوية كانت أم نفسية.
وتدعم نتائج الدراسة التي نشرت نتائجها
4 دراسات سابقة عن الكيمياء الحيوية للمخ التي تشير إلى أن المخ يعيد ترتيب الذاكرة قبيل التخزين.
ويؤكد الدكتور جان بورن الأستاذ بجامعة لوبيك الألمانية الذي قاد الفريق البحثي الذي قام بالدراسة أن تطوير القدرات والإبداع يحدث أثناء هذه المراحل، مشيرا إلى فائدة النوم العميق فيما يتعلق بالإبداع.
وقال بورن: "قد تحدث عملية إعادة الترتيب هذه بطريقة تسهل من حل المشاكل والمصاعب"، وأوضح العالم الألماني أن التفاعلات الدقيقة التي تدفع المخ إلى شحذ تلك القدرات أثناء النوم ما زالت غير واضحة.
وفي المخ تتم التغييرات التي تؤدي إلى الإبداع و"الاستبصار" بحل المشاكل في أثناء ما يسمى "الموجات البطيئة"، أو النوم العميق الذي يبدأ أثناء الساعات الأربع الأولى من دورة النوم.
وقد تفسر الدراسة الألمانية -أيضًا- فقدان الذاكرة مع التقدم في العمر الذي يرتبط بدوره باضطرابات وقلة نوم المسنين، وفقدانهم للنوم العميق والضروري لعملية شحذ الذاكرة.
وكان الباحثون قد ربطوا منذ وقت طويل النوم وقدرته على شحذ الذاكرة وتقوية وترتيب الأفكار، بيد أنهم واجهوا صعوبة في إجراء تجربة تؤكد النظرية الشائعة عن ضرورة النوم وحيويته بالنسبة للمخ.
واستندت نتائج الدراسة التي شارك فيها علماء جامعة لوبيك على مراقبة قدرة متطوعين على حل مسائل رياضية بسيطة، بعد أن تم تقسيمهم لمجموعتين: الأولى تمتعت بثماني ساعات من النوم بالليل، والأخرى حرمت من النوم.
وفوجئ العلماء بأن قدرة أفراد المجموعة الأولى في حل المسائل الرياضية أفضل ثلاث مرات من أفراد المجموعة الثانية.
من جهته قال الدكتور كارل هانت رئيس المركز القومي الألماني لأبحاث اضطرابات النوم: "رغم أن دراسة واحدة لا تحسم قضايا من هذا النوع، فإن البحث الألماني تقدم بصورة هامة في هذا الحقل".
وأشار هانت الذي يرأس المعهد التابع للمعاهد القومية للصحة إلى أن نتائج وانعكاسات الدراسة ستكون بالغة الأهمية على أداء الأفراد على الصعيدين الدراسي والعملي.