فكيف يمكن إذن تجنب اضطرابات المعدة بعد رمضان؟ وكيف يمكن الانتقال للإفطار بشكل صحي وآمن؟.. السطور القادمة تجيبكم عن هذه التساؤلات:
يقول الدكتور عبد الإله بكسراوي إنه خلال شهر رمضان تتعوّد القناة الهضمية على نظام تناول الطعام من خلال وجبتي الإفطار والسحور فقط، وحتى تعود القناة الهضمية لاستقبال وجبات ثلاث لابد من التدرّج، ولكن قبل التدرّج نفاجأ بحلوى العيد من الكعك والبسكويت وغيرها التي تتسم بزيادة محتواها من الدهون والنشويات.. فالبدء بتناول حلوى العيد في الوجبات الثلاث يربك القناة الهضمية ويؤدي إلى الشعور بالانتفاخ والغازات والحموضة ما يرهق الإنسان.
لذلك ينصح أخصائي الأمراض الباطنية والعصبية بالمستشفى الأهلي بضرورة التحوّل التدريجي من وجبات رمضان إلى وجبات العيد وما بعد رمضان، فيبدأ بتناول كمية بسيطة من حلوى العيد في وجبة واحدة فقط لمدة يومين، ثم يمكن تناول حلوى العيد في وجبتين بعد ذلك (كالإفطار والغداء) مع مراعاة عدم إدخال الطعام على الطعام حتى موعد الوجبة التالية، ليبدأ تناول وجبة طعام جديدة متنوعة ومتوازنة مع وجود الأغذية الطازجة من فواكه وخضار. كذلك مراعاة تناول وجبة العشاء مبكراً وأن تحتوي على الفاكهة والخضار.
وينصح د. بكسراوي بالعودة إلى الصيام مرة أخرى على غرار ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من صيام الأيام الستة من شوال متفرّقة أو متتالية، فهي فرصة جيّدة لاستعادة نشاط القناة الهضمية والعودة إلى سابق هضمها من إفراز العصارة الهضمية بكميات ونوعيات خفيفة هضماً وامتصاصاً، بدون انتفاخات أو غازات مع الحرص على ممارسة الرياضة (المشي) لمدة نصف ساعة يومياً لتنشيط القناة الهضمية، خاصة بعد انقطاع صلاة الليل (القيام) فالمشي يحسّن من وظائف الهضم والامتصاص وعدم تخزين الدهون.
من جهته الدكتور أبوالذر أبوحديد يحذر من السلوكيات الخاطئة لأنه مع بداية أول أيام عيد الفطر يتبع الكثيرون سلوكيات غذائية خاطئة في تناول الأطعمة فتسبّب له مشكلات صحية عديدة، ومن ذلك تناول كميات كبيرة من الكعك والبسكويت وغيرها من الحلوى والمعجنات تزيد على المسموح به للجسم من النشويات والدهون، ما يؤدي إلى زيادة السعرات الحرارية للجسم التي تفوق احتياجاته، لما لها من تأثيرات سلبية على الصحة.
كذلك تناول الأسماك المملحة (كالفسيخ والرنجة) والبصل بكميات كبيرة، وما يصاحبه من تناول كميات كبيرة أيضاً من الخبز والمياه الغازية ما يؤدي إلى زيادة الأملاح، وبالتالي التعرّض لارتفاع ضغط الدم والإصابة بالصداع، والشكوى من أعراض تتعلق بالكلى والكبد.
بالإضافة إلى أن بعض المنتجات من هذه الأطعمة قد تكون ملوثة، فينتج عن ذلك خطر على الصحة سواء كان هذا الخطر ناتجاً عن التسمّم أو الإصابة بميكروب السالمونيلا والتيفويد والباراتيفويد كما يمكن أن يتسبّب هذا التسمّم إذا كان حادًّا في حدوث هبوط بالضغط والدورة الدموية ما يؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض التي تؤثر على الجهاز العصبي كما أنها قد تؤدي في بعض الحالات للوفاة.
ولذلك يرى طبيب الصحة العامة بمجمع الشفاء الطبي أن تناول كميات كبيرة من المياه الغازية يؤدي إلى زيادة كمية الأحماض المتناولة خلال هذه الفترة، ما يعرّض المعدة للحموضة الزائدة، كما أن زيادة الأحماض نتيجة للمشروبات والعصائر يؤدي إلى خلل في الترسيب الطبيعي للكالسيوم في الأسنان والعظام، ما يؤدي لتسوّس الأسنان وضعفها، بالإضافة إلى هشاشة العظام، لذلك ينصح الأطباء بتقليل المشروبات الغازية والعصائر المعلبة، والإكثار من تناول الألبان بصورة دورية للحفاظ على كمية الكالسيوم الذي يستفيد منه الجسم، خاصة عند الأطفال.
كما ينصح في أول أيام العيد بأن تكون وجبة الإفطار من الأغذية الخفيفة، وألا يتناولوا كمية كبيرة من الكعك، حتى لا يصابوا بالحموضة الزائدة وعسر الهضم، التي قد تصل للقيء، وكذلك بعدم الإسراف في تناول هذه الحلويات، وينصح بتناولها على الأقل بعد مرور أكثر من ساعتين من تناوله لوجبة الإفطار وبكميات بسيطة، مع عدم الإكثار من تناول الأطعمة المسبكة، لتأثيرها الضار على الجسم والجهاز الهضمي بصفة خاصة، والحرص على تناول أغذية تتميز بسهولة الهضم والامتصاص, حتى لا يرهق الجهاز الهضمي.
أما بالنسبة لمرضى السكري والكلى والقلب والذين يعانون من أمراض الضغط فينصحهم الأطباء بالامتناع نهائياً عن تناول الأغذية المملحة، لتأثيرها السيئ على صحتهم، وكذلك النساء الحوامل والمرضعات، لتأثير هذه الأغذية على ضغط الدم وعلى الزلال لديهن.
أما بالنسبة للأطفال فيجب أن يتعوّدوا على النمط الغذائي السليم بترشيد تناول حلوى العيد لديهم، من أجل حمايتهم من اضطرابات الجهاز الهضمي ومضاعفاته، لأنهم أكثر الفئات إقبالاً على هذه الحلوى.
وينصح الأطباء بصفة عامة بضرورة ترشيد تناول الأطعمة، سواء كانت سكريات وحلويات وغيرها، لتجنب إصابة المعدة التي استراحت خلال شهر رمضان بالعديد من الأمراض كالإصابة بالنزلات المعوية وآلام القولون.
ويشدّد الأطباء على أن الإسراف في تناول حلوى العيد من (كعك وبسكويت) وغيرها يعرّض الأفراد لمرض السمنة، ويعرّض مرضى القلب والسكر لأخطار صحية، لذلك يجب في أيام العيد العمل على توزيع الوجبات الثلاث، والحرص على تناول وجبة الإفطار لأهميتها للكبار والصغار في حرق الطاقة في الجسم، والتركيز في الوجبات على تناول البقول في وجبة الغداء، لأن غالبية الأفراد كانوا يتناولون اللحوم بصفة مستمرة في رمضان.
أما في وجبة العشاء فلابد من الإكثار من تناول منتجات الألبان مع الخضار والفاكهة بكل ألوانها، حتى نضمن جميع الفيتامينات الأساسية، مع ضرورة شرب المياه بكثرة، حتى تستطيع الوظائف الحيوية في الجسم أن تقوم بعملها.
أما بالنسبة لكبار السن فينصح لهم بالإقلال من تناول السكريات، وعدم شرب المياه بين الوجبات، والامتناع عن تناول الأطعمة المقبّلة والدهون بقدر الإمكان، تطبيقاً للقاعدة الذهبية في الغذاء، لأنه كلما تقدّم الإنسان في السن ينصح له بتناول البقول والإقلال من اللحوم، مع تناول الحليب خالي الدسم، مع ضرورة ممارسة الرياضة بالنسبة لهم حتى لا يصابوا بالهشاشة.
ويرى الأطباء أن الكعك والبسكويت أغذية عالية الطاقة لما بها من نسبة عالية من الدهون والمكسرات يصعب هضمها، لذلك يجب الاعتدال في تناول هذه الأغذية حتى لا يحدث عسر هضم وبالتالي البدانة، لذلك ينصح بتوزيع الوجبات الثلاث على اليوم، وتناول وجبتين حتى لا يكون الفرد عرضة للإصابة بالسكر وتصلب الشرايين وارتفاع الضغط، وأن تحتوي الوجبات على مجموعة الغذاء الممثلة في الخضار، خاصة الورقية، لأنها غنية بفيتامين (ج)، والفاكهة والنشويات، بالإضافة إلى الخبز الأسمر لقيمته الغذائية لما فيه من ألياف غذائية وأملاح معدنية.
ويؤكد الأطباء أيضاً ضرورة الاعتدال في تناول الدهون عموماً، وذلك لما لها من أضرار صحية على الأفراد، سواء كانت هذه الدهون نباتية أو طبيعية، فالسمن الطبيعي يزيد من ارتفاع دهون الدم، ما يعرّضنا لتصلب الشرايين.
أما السمن النباتي فهو الأكثر خطراً لأنها عبارة عن زيوت مشبعة ترتفع فيها نسبة الأحماض الدهنية غير المشبعة، ما يعرّض الجسم لأخطار تحول كل الصور النشطة الفعالة في الزيت من الصورة الطبيعية إلى صورة غير طبيعية وكذلك لاحتوائها على متبقيات النيكل وهو عنصر سام.
لذلك ينصح بالاعتدال في تناول أي نوع من الأغذية، سواء حلوى أو أطعمة غذائية، مع الامتناع عن تناول الدهون النباتية المهدرجة (كالسمن الصناعي) والاكتفاء بتناول كعكة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أيام العيد فقط حتى نتجنب أخطار الدهون