أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن قتادة قال: أنزل الله هذه الآية وقد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس، فلما قبض الله نبيه ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد: أهل المدينة، وأهل الجواثي من عبد القيس، وقال الذين ارتدوا: نصلي الصلاة ولا نزكي والله يغصب أموالنا، فكلم أبو بكر في ذلك ليتجاوز عنهم، وقيل لهم أنهم قد فقهوا أداء الزكاة فقال: والله لا أفرق بين شيء جمعه الله، والله لو منعوني عقالاً مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه، فبعث الله تعالى عصائب مع أبي بكر، فقاتلوا حتى أقروا بالماعون وهو الزكاة، قال قتادة: فكنا نحدث أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هو أبو بكر وأصحابه، لما ارتد من ارتد من العرب عن الإسلام جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردهم إلى الإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وخيثمة الاترابلسي في فضائل الصحابة والبيهقي في الدلائل عن الحسن {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هم الذين قاتلوا أهل الردة من العرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر وأصحابه.
وأخرج ابن جرير عن شريح بن عبيد قال: «لما أنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال عمر: أنا وقومي هم يا رسول الله؟ قال: بل هذا وقومه، يعني أبا موسى الأشعري».
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة في مسنده وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عياض الأشعري قال: لما نزلت {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هم قوم هذا، وأشار إلى أبي موسى الأشعري».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والحاكم في جمعه لحديث شعبة والبيهقي {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} فقال النبي صلى الله عليه وسلم «هم قومك يا أبا موسى، أهل اليمن».
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند حسن عن جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: «هؤلاء قوم من أهل اليمن من كندة، من السكون، ثم من التحبيب».
وأخرج البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هم قوم من أهل اليمن، ثم كندة من السكون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس {فسوف يأتي الله بقوم} قال: هم أهل القادسية.
وأخرج البخاري في تاريخه عن القاسم بن مخيمرة قال: أتيت ابن عمر فرحَّب بي، ثم تلا {من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم} ثم ضرب على منكبي وقال: احلف بالله أنهم لمنكم أهل اليمن ثلاثاً.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {فسوف يأتي الله بقوم} قال: هم قوم سبأ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال: هذا وعيد من عند الله، انه من ارتد منكم سيتبدل بهم خيراً. وفي قوله: {أذلة} له قال: رحماء.
وأخرج ابن جرير عن قوله: {أذلة على المؤمنين} قال: أهل رقة على أهل دينهم {أعزة على الكافرين} قال: أهل غلظة على من خالفهم في دينهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {أذلة على المؤمنين} قال: رحماء بينهم {أعزة على الكافرين} قال: أشداء عليهم. وفي قوله: {يجاهدون في سبيل الله} قال: يسارعون في الحرب.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد طوائف من العرب، فبعث الله أبا بكر في أنصار من أنصار الله، فقاتلهم حتى ردهم إلى الإسلام، فهذا تفسير هذه الآية.
قوله تعالى: {ولا يخافون لومة لائم}
أخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بحب المساكين وأن أدنو منهم، وأن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أصل رحمي وإن جفاني، وأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز تحت العرش، وأن أقول الحق وإن كان مرًّا، ولا أخاف في الله لومة لائم، وأن لا أسأل الناس شيئاً».
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول الحق إذا رآه وتابعه، فإنه لا يقرِّب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق، أو أن يذكر بعظيم».
وأخرج أحمد وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله فيه يقال فلا يقول فيه مخافة الناس، فيقال: إياي كنت أحق أن تخاف».
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن سهل بن سعد الساعدي قال: «بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أنا، وأبو ذر، وعبادة بن الصامت، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، وسادس، على أن لا تأخذنا في الله لومة لائم، فأما السادس فاستقاله فأقاله».
وأخرج البخاري في تاريخه من طريق الزهري أن عمر بن الخطاب قال: إن وليت شيئاً من أمر الناس فلا تبال لومة لائم.
وأخرج ابن سعد عن أبي ذر قال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ما ترك لي الحق صديقاً.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة».
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)}
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عطية بن سعد قال: نزلت في عبادة بن الصامت {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}.
وأخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: تصدَّق علي بخاتمه وهو راكع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للسائل «من أعطاك هذا الخاتم؟» قال: ذاك الراكع، فأنزل الله: {إنما وليكم الله ورسوله}.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إنما وليكم الله ورسوله...} الآية. قال: نزلت في علي بن أبي طالب.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمار بن ياسر قال: «وقف بعلي سائل وهو راكع في صلاة تطوّع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمه ذلك، فنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: «نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته {إنما وليكم الله ورسوله والذين} إلى آخر الآية. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد، جاء والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم يصلي، فإذا سائل فقال: يا سائل، هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: لا، إلا ذاك الراكع- لعلي بن أبي طالب- أعطاني خاتمه».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت {إنما وليكم الله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {إنما وليكم الله ورسوله...} الآية. نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع.
وأخرج ابن جرير عن السدي وعتبة بن حكيم مثله.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أتى عبد الله بن سلام ورهط معه من أهل الكتاب نبي الله صلى الله عليه وسلم عند الظهر، فقالوا: يا رسول الله، إن بيوتنا قاصية لا نجد من يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا العداوة وأقسموا ان لا يخالطونا ولا يؤاكلونا، فشق ذلك علينا، فبيناهم يشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} ونودي بالصلاة صلاة الظهر، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أعطاك أحد شيئاً؟» قال: نعم. قال: «من؟» قال: ذاك الرجل القائم. قال: على أي حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع. قال: وذلك علي بن أبي طالب، فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك وهو يقول {ومن يتولَّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} [ المائدة: 56].
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن أبي رافع قال: «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم يوحى إليه، فإذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أبيت عليها، فأوقظ النبي صلى الله عليه وسلم، وخفت أن يكون يوحى إليه، فاضطجعت بين الحية وبين النبي صلى الله عليه وسلم، لئن كان منها سوء كان فيَّ دونه، فمكثت ساعة فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} الحمد لله الذي أتمَّ لعلي نعمه، وهيأ لعلي بفضل الله اياه».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب قائماً يصلي، فمر سائل وهو راكع فأعطاه خاتمه، فنزلت هذه الآية. {إنما وليكم الله ورسوله...} الآية. قال: نزلت في الذين آمنوا، وعلي بن أبي طالب أوّلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إنما وليكم الله...} الآية. قال: يعني من أسلم فقد تولى الله ورسوله والذين آمنوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي جعفر. أنه سئل عن هذه الآية، من الذين آمنوا؟ قال: الذين آمنوا. قيل له: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب. قال: علي من الذين آمنوا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قوله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قلت يقولون: علي؟ قال: علي منهم.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن جرير بن مغيرة قال: كان في قراءة عبد الله {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة}.
{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} قال: أخبرهم من الغالب فقال: لا تخافوا الدولة ولا الدائرة.