السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الرحم -بفتح الراء وكسر الحاء المهملة-: يطلق على الأقارب،
وهم من بينه وبين الآخر نسب سواء كان يرثه أم لا ، سواء كان ذا محرم أم لا،
وقيل: هم المحارم فقط، والأول هو المرجح؛
لأن الثاني يستلزم خروج أولاد الأعمام، وأولاد الأخوال من ذوي الأرحام؛ وليس كذلك.
وقال القرطبي: الرحم التي توصل عامة وخاصة،
فالعامة:
رحم الدين. وتجب مواصلتها بالتوادد، والتناصح، والعدل، والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة.
وأما الرحم الخاصة:
فتزيد النفقة على القريب، وتفقد أحوالهم، والتغافل عن زلاتهم، وتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك.
{الإتحافات السنية فى الأحاديث القدسية}
ووصل الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار..
الأدلة
1- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الخالة بمنزلة الأم) صحيح بخاري ومسلم.
2-عن أَبي ذرّ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ )) .
وفي رواية : (( سَتَفْتَحونَ مِصْرَ وَهِيَ أرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا القِيراطُ ، فَاسْتَوْصُوا بأهْلِهَا خَيْراً ؛ فَإنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً ))
وفي رواية : (( فإذا افتتحتموها ، فأحسنوا إلى أهلها ؛ فإن لهم ذمة ورحماً )) ، أَوْ قَالَ : (( ذِمَّةً وصِهْراً )) رواه مسلم .
قَالَ العلماء : (( الرَّحِمُ )) : الَّتي لَهُمْ كَوْنُ هَاجَرَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ ،
(( وَالصِّهْرُ )) : كَوْن مَارية أمِّ إبْراهيمَ ابن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ .
3-عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : لما نزلت هذِهِ الآية : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214] دَعَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْشاً ، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ ، وَقالَ : (( يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ، يا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤيٍّ ، أنقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي مُرَّةَ بن كَعْبٍ ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَاف ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يَا بني عبد المطلب ، انقذوا أنفسكم من النار ، يَا فَاطِمَةُ ، أنْقِذي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ . فَإنِّي لا أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيئاً ، غَيْرَ أنَّ لَكُمْ رَحِماً سَأبُلُّهَا بِبِلالِهَا )) رواه مسلم .
4- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (اعرفُوا أنسابكم، تصلوا أرحامكم، فإنهُ لا قرب بالرحم إذا قُطعت وإن كانت قريبةٌ، ولا بعد بها إذا وصلت وإن كانت بعيدةً) صحيح (طيالسي والحاكم).
5-حديث أبى هريرة:عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم { يَا عُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ}صحيح مسلم..
6-فى الحديث قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم لأبى طلحة - : (( بَخ ! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ ! وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ ، وَإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبينَ )) ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : أفْعَلُ يَا رَسُول الله ، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ وبَنِي عَمِّهِ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
7-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَقَالَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ..صحيح البخارى
( ( إن الرحم شجنة من الرحمن ) )
وأصل ذلك الغصن من أغصان الشجر إذا التف بالآخر
قال أبو عبيد شجنة أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق..
8-حديث أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلِى بَني النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَته، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ،..أخرجه البخارى ومسلم
وبنو النجار صلتهم من جهة جد رسول الله {سلمى بنت عمرو النجارية}
وقال ابن إسحاق : ماتت أم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالأبواء و هي تزور أخوالها من بني النجار ..
9-وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: جاء رجل إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله ، مَنْ أحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : (( أُمُّكَ )) قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : (( أُمُّكَ )) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : (( أُمُّكَ )) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : (( أبُوكَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية : يَا رَسُول الله ، مَنْ أَحَقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ ؟ قَالَ : (( أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أَبَاكَ ، ثُمَّ أدْنَاكَ أدْنَاكَ )) .
-
والله أعلم